سورة القمر - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القمر)


        


أجمع أهلُ التفسير على أنَّ القمرَ قد انشقَّ على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال ابن مسعود: رأيت حراء بين فلقتي القمر ولم يوجد لابن مسعود مخالف في ذلك؛ فقد روي أيضاً عن أنس وابن عمر وحذيفة وابن عباس وجبير بن مطعم.. كلهم رووا هذا الخبر.
وفيه إعجازٌ من وجهين: أحدهما رؤية مَنْ رأى ذلك، والثاني خفاء مثل ذلك على مَنْ لم يَرَه؛ لأنه لا ينكتم مثله في العادة فإذا خفي كان نقض العادة.
وأهل مكة رأوا ذلك، وقالوا: إنَّ محمداً قد سحر القمر.
ومعنى {اقْتَرَبَتِ السَّاعِةُ}: أي ما بقي من الزمانِ إلى القيامةِ إلا قليلٌ بالإضافةِ إلى ما مضى.


قوله جلّ ذكره: {وَإِن يَرَوْا ءِايَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَآءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌ}.
يعني أن أهل مكة إذا رأوا آية من الآيات أعرضوا عن النظر فيها، ولو نظروا لحصل لهم العلمُ واجباً.
{سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ}: أي دائمٌ قويٌّ شديد.... ويقال إنهم قالوا: هذا ذاهب لا تبقى مدته فاستمر: أي ذهب.
{وَكَذَّبُواْ وَاتَّبَعُواْ أَهْوَآءَهُمْ}: التكذيب واتباع الهوى قريبان؛ فإِذا حَصَل اتباعُ الهوى فمِنْ شُؤْمِه يحصل التكذيب؛ لأنَّ اللَّهَ يُلَبِّس على قلب صاحبه حتى لا يستبصر الرشد.
أما اتباع الرضا فمقرونٌ بالتصديق؛ لأنَّ اللَّهَ ببركاتِ اتباع الحقِّ يفتح عينَ البصيرة فيحصل التصديقِ.
وكلُّ امرئ جَرَتْ له القِسْمةُ والتقدير فلا محالةَ. يستقر له حصولُ ما قُسِمَ وقدِّر له.
{وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ}: يستقر عملُ المؤمنِ فتُوجَبُ له الجنة، ويستقر عملُ الكافرِ فَيُجَّازَى.
قوله جلّ ذكره: {وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ الأَنبآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةُ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ}.
جاءهم من أخبارِ الأنبياءِ والأممِ الذين مِنْ قَبْلهِم والأزمنةِ الماضية ما يجب أَنْ يحصلَ به الارتداعُ، ولكنَّ الحقَّ- سبحانه- أَسْبَلَ على بصائرهم سُجُوف الجهلِ فَعَموا عن مواضع الرشد.
{حِكْمَةُ بَالِغَةٌ...}: بدل من (ما) فيما سبق: (ما فيه مزدجر).
والحكمةالبالغة هي الصحيحة الظاهرة الواضحة لمن تفكّر فيها.
{فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ}: وأي شيء يغني إنذارُ النذيرِ وقد سَبَقَ التقديرُ لهم بالشقاء؟


قوله جلّ ذكره: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَئ نُّكُرٍ خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ}.
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ}: هاهنا تمام الكلام- أي فأعرِضْ عنهم، وهذا قبل الأمر بالقتال. ثم استأنف الكلامَ: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ...} والجواب: {يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ}- أراد به يوم القيامة.
ومعنى {نُّكُرٍ}: أي شيءٌ ينكرونه (بِهَوْله وفظاعته) وهو يوم البعث والحشر.
وقوله: {خُشَّعاً} منصوب على الحال، أي يخرجون من الأجداث- وهي القبور- خاشعي الأبصار.
{كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ}.
كأنهم كالجراد لكثرتهم وتفَرقهم، {مُّهْطِعِينَ}: أي مُديمي النظر إلى الداعي- وهو إسْرافيل.
{يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ}: لتوالي الشدائد التي فيه.
قوله جلّ ذكره: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّى مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السَّمَآءِ بِمَآءٍ مُّنهْمَرٍ}.
كذب قوم نوح نبيَّهم، وقالوا: إنه مجنون، وزجروه وشتموه.
وقيل: {وَازْدُجِرَ}: أي استطار عَقْلهُ، أي قومُ نوحٍ قالوا له ذلك.
فدعا ربَّه فقال: إِني مغلوب؛ أي بتسلُّطِ قومي عليَّ؛ فلم يكن مغلوباً بالحُجَّة لأنَّ الحُجَّةَ كانت عليهم، فقال نوح لله: اللهمَّ فانتَصِرْ منهم أي انْتَقِمْ.
ففتحنا أبواب السماء بماءٍ مُنْصَبٍّ، وشَقَقْنَا عيوناً بالماء، فالتقي ماء السماءِ وماءُ الأرضِ على أمرٍ قد قُدِّرَ في اللوح المحفوظ، وَقُدِرَ عليه بإهلاكهم!
وفي التفاسير: أن الماء الذي نَبَعَ من الأرضِ نَضَبَ. والماء الذي نزل من السماء هو البخارُ اليومَ.
{وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ}.
وحملنا نوحاً على {ذَاتِ أَلْوَاحٍ} أي سفينة، و{وَدُسُرٍ} يعني المسامير وهي جمع دسار أي مسمار.

1 | 2 | 3 | 4